شيء صعب أن تكتب عن فيلم يحمل بطولته نجم تحبه الجماهير، وتحبه وتحترمه أنت شخصيا، وهذا هو الأمر الذي يواجه أي ناقد مهما كانت درجة حياديته عند الكتابة عن فيلم يحمل بطولته أحمد حلمي.
أحمد حلمي استطاع من خلال جميع أفلامه السابقة بداية من صايع بحر –بغض النظر عن ميدو مشاكل- مرورا بظرف طارق وجعلتني مجرما ومطب صناعي وكده رضا، استطاع أن يكسب ثقة الجماهير، ويتربع على قلوب محبي السينما من الجماهير والنقاد والسينمائيين، فذكاؤه في الاختيار يجبرك على احترامه، واجتهاده في تطوير مهاراته التمثيلية يجبرك على التعاطف معه وتقبل أي شيء منه بصدر رحب.
هذا هو ما فعله أحمد حلمي في فيلمه الأخير "آسف على الإزعاج" قمة الذكاء والقدرة الشديدة على تغيير الجلد والكاراكتر الذي اعتاده الجمهور، كذلك اعتاده في الشخصية التي لا يقوم بتغييرها، ولكنه في هذا الفيلم يتغير تماما، ليقدم لنا نوعية من الأفلام غابت عن السينما المصرية منذ زمن، شخصية الشاب المريض نفسيا الذي تأزم موقفه بسبب حادثة حدثت له في حياته، ومن هنا تبدأ أحداث الفيلم التي تستقبل معها العديد من المفاجآت منذ بداية الفيلم وحتى نهايته.
في بداية الفيلم وحتى نصفه تقريبا لم يستطع أحمد حلمي أن ينتقل سريعا ويغير جلده بشكل حاسم، على الرغم من أن نوعية الفيلم لم تكن تحتاج مطلقا إلى الكوميديا الكثيرة، ولكن كان هناك العديد من المواقف الكوميدية الزائدة عن الحد، مثل مجموعة مشاهد علاقته برئيس الجمهورية الذي يهيأ له أنه يرسل له رسائل، وغيرها من المشاهد، وهو الأمر الذي يشعرك في بداية الفيلم بالملل، وخاصة أن هذه المشاهد كانت زائدة عن الحد ومطولة بعض الشيء، وهو العيب الأول في هذا الفيلم، ولكن أحمد حلمي كان بالطبع خائفا أن يغير جلده "خبط لزق" فكان يحاول التمهيد للنصف الثاني من الفيلم، والذي جاء كما ينبغي أن يكون بالفعل وكأننا نشاهد فيلما آخر، فكما اعتدنا في مصر هناك استراحة تفرضها إدارة السينما على الجمهور، والسبب في ذلك هو عملية تسويقية لكافيتريا السينما في المقام الأول، ولكنها لأول مرة تكون مفيدة في مشاهدة الفيلم، لأنك بعد مشاهدة النصف الأول من الفيلم قد يصيبك الملل، وما يكسره هو خروجك للتدخين أو الخروج إلى الحمام مثلا، أو تقع في فخ كافيتريا السينما، وتعود مرة أخرى لتستقبل الفيلم من جديد، وهو ما جعل الجمهور بالفعل يحب النصف الثاني من الفيلم ويخرج سعيدا بالفيلم لأسباب عدة ، أولها أن نجمه لم يخذله وقدم له فيلما سينمائيا فنيا جيدا، وإن كان هذه المرة بعيدا من الكوميديا، وثانيها أن الفيلم يعتبر نقلة جديدة في السينما المصرية، وقد يكون بالفعل بداية لسلسلة أفلام مصرية فنية سينمائية جميلة الصورة بعيدة عما يقدمه البعض من تعمد إظهار القذارة في مشاهده، والسبب الثالث هو المستوى التمثيلي الذي وصل إليه أحمد حلمي، فقد قدم مشاهد صعبة وتحولات بالشخصية من الصعب على أي ممثل أن يقدمها، واستطاع أن يجعلنا نصدقه بالفعل، قدم في هذا الفيلم أفضل أدواره على الإطلاق، كما أن محمود حميدة الذي قدم دور والد حسن أو أحمد حلمي في الفيلم يستحق كل تقدير واحترام على الدور المختلف الذي قدمه في هذا الفيلم، والذي أشعرنا برشاقته الشديدة في التنقل من مشاعر إلى أخرى، هذا بالطبع بالإضافة الى النجمة دلال عبد العزيز التي قامت بدور أم أحمد حلمي، أما منة شلبي فهي كالعادة قدمت أدوارا جيدة ولكنها ليست متميزة نظرا إلى مساحة الأدوار التي تقدمها.
هناك أيضا العديد من الوجوه الشابة التي تم اختيارها بذكاء في الأدوار الثانوية في الفيلم، مثل ياسر الطوبجي ووائل علاء ومحمد السعدني، والذكاء في اختيارهم لأنهم لأسباب عديدة، أولها أن هذه الأسباب الموهبة التي يتمتع بها هؤلاء الشباب، وثانيها أن هؤلاء الشباب اشتهروا من خلال الإعلانات التي قاموا بعملها من قبل وحفظ الجمهور شكلهم دون معرفة أسمائهم.
أما مفاجأة الفيلم الحقيقية فكانت الممثل القديم الذي يعود من جديد للتألق وأخذ أدوار جيدة محمد شرف، والذي قدم إحدى أفضل الشخصيات التي قدمت في الفيلم، شخصية الرجل الذي فات قطار العمر عليه وهو ينتظر الوظيفة الحكومية، ضعف نظره حتى اقترب من العمى وهو يلعب الدومينو على القهوة التي قضى عليها سنين العمر، ويتقابل مع حسن الذي لا يعرف اسمه مثلما يجلس في القهوة مع رجال لا يعرفهم على الرغم من أنه يلعب معهم الدومينو، ولا يعرفان اسمي بعضهما إلا في نهاية الفيلم.
المؤلف أيمن بهجت قمر وضح أن السيناريو قد كتب وعدل أكثر من مرة، حتى تشعر أن هناك أكثر من شخص قد كتب السيناريو، لاختلاف مشاهد الجزء الأول تماما عن مشاهد الجزء الثاني، ولم تكن الطبخة بنفس واحد فمن غير المعقول أن من كتب مشاهد علاقة الرئيس بالبطل، هو نفسه من كتب مشهد رفع صوت الأغنية في مشهد ظهور والد حلمي أيضا لرفضه ظهوره مرة أخرى، أو مشهد مصارحة والدته له بحقيقة مرضه، أو اكتشافه هو لمرضه.
المخرج خالد مرعي على الرغم من أصوله المونتاجية وعمله كمونتير من قبل أن يدخل إلى مجال الإخراج، إلا أنه في بداية الفيلم هرب منه الإيقاع، وترهلت مشاهد عدة كان يمكن الاستغناء عنها، ولكنه في الوقت نفسه قدم مع مدير التصوير أحمد يوسف مشاهد أكثر من رائعة، وبطريقة جديدة تقترب كثيرا من الأفلام الأميركية، وخاصة في مشاهد دخول حسن مرآب الطائرات، ووضح للغاية في مشهد كشف حقيقة الأب من قبل الأم أمام أحمد حلمي، فحركة الكاميرا المهزوزة القريبة من صورة الكاميرا الديجيتال، والتي تتناسب بشكل كبير مع طبيعة المشهد ومحتواه.
قصة الفيلم: حسن مهندس طيران يعاني عقدة الاضطهاد، ويتعرف إلى فتاة يحاول أن يرتبط بها، كما أن له علاقة في غاية التميز بينه وبين والده
معلومات عن الفيلم
اسم الفيلم: آسف على الإزعاجإخراج: خالد مرعيتأليف: أيمن بهجت قمرمدير التصوير: أحمد يوسفموسيقى تصويرية: عمرو إسماعيلسنة الإنتاج: 2008شركة الإنتاج: وليد صبريسبطولة: أحمد حلمي- محمود حميدة- منة شلبي- دلال عبد العزيز
محمد عبد العزيز - ايلاف
معلومات عن الفيلم
اسم الفيلم: آسف على الإزعاجإخراج: خالد مرعيتأليف: أيمن بهجت قمرمدير التصوير: أحمد يوسفموسيقى تصويرية: عمرو إسماعيلسنة الإنتاج: 2008شركة الإنتاج: وليد صبريسبطولة: أحمد حلمي- محمود حميدة- منة شلبي- دلال عبد العزيز
مع تحيات
ADMIN
أحمد حلمي استطاع من خلال جميع أفلامه السابقة بداية من صايع بحر –بغض النظر عن ميدو مشاكل- مرورا بظرف طارق وجعلتني مجرما ومطب صناعي وكده رضا، استطاع أن يكسب ثقة الجماهير، ويتربع على قلوب محبي السينما من الجماهير والنقاد والسينمائيين، فذكاؤه في الاختيار يجبرك على احترامه، واجتهاده في تطوير مهاراته التمثيلية يجبرك على التعاطف معه وتقبل أي شيء منه بصدر رحب.
هذا هو ما فعله أحمد حلمي في فيلمه الأخير "آسف على الإزعاج" قمة الذكاء والقدرة الشديدة على تغيير الجلد والكاراكتر الذي اعتاده الجمهور، كذلك اعتاده في الشخصية التي لا يقوم بتغييرها، ولكنه في هذا الفيلم يتغير تماما، ليقدم لنا نوعية من الأفلام غابت عن السينما المصرية منذ زمن، شخصية الشاب المريض نفسيا الذي تأزم موقفه بسبب حادثة حدثت له في حياته، ومن هنا تبدأ أحداث الفيلم التي تستقبل معها العديد من المفاجآت منذ بداية الفيلم وحتى نهايته.
في بداية الفيلم وحتى نصفه تقريبا لم يستطع أحمد حلمي أن ينتقل سريعا ويغير جلده بشكل حاسم، على الرغم من أن نوعية الفيلم لم تكن تحتاج مطلقا إلى الكوميديا الكثيرة، ولكن كان هناك العديد من المواقف الكوميدية الزائدة عن الحد، مثل مجموعة مشاهد علاقته برئيس الجمهورية الذي يهيأ له أنه يرسل له رسائل، وغيرها من المشاهد، وهو الأمر الذي يشعرك في بداية الفيلم بالملل، وخاصة أن هذه المشاهد كانت زائدة عن الحد ومطولة بعض الشيء، وهو العيب الأول في هذا الفيلم، ولكن أحمد حلمي كان بالطبع خائفا أن يغير جلده "خبط لزق" فكان يحاول التمهيد للنصف الثاني من الفيلم، والذي جاء كما ينبغي أن يكون بالفعل وكأننا نشاهد فيلما آخر، فكما اعتدنا في مصر هناك استراحة تفرضها إدارة السينما على الجمهور، والسبب في ذلك هو عملية تسويقية لكافيتريا السينما في المقام الأول، ولكنها لأول مرة تكون مفيدة في مشاهدة الفيلم، لأنك بعد مشاهدة النصف الأول من الفيلم قد يصيبك الملل، وما يكسره هو خروجك للتدخين أو الخروج إلى الحمام مثلا، أو تقع في فخ كافيتريا السينما، وتعود مرة أخرى لتستقبل الفيلم من جديد، وهو ما جعل الجمهور بالفعل يحب النصف الثاني من الفيلم ويخرج سعيدا بالفيلم لأسباب عدة ، أولها أن نجمه لم يخذله وقدم له فيلما سينمائيا فنيا جيدا، وإن كان هذه المرة بعيدا من الكوميديا، وثانيها أن الفيلم يعتبر نقلة جديدة في السينما المصرية، وقد يكون بالفعل بداية لسلسلة أفلام مصرية فنية سينمائية جميلة الصورة بعيدة عما يقدمه البعض من تعمد إظهار القذارة في مشاهده، والسبب الثالث هو المستوى التمثيلي الذي وصل إليه أحمد حلمي، فقد قدم مشاهد صعبة وتحولات بالشخصية من الصعب على أي ممثل أن يقدمها، واستطاع أن يجعلنا نصدقه بالفعل، قدم في هذا الفيلم أفضل أدواره على الإطلاق، كما أن محمود حميدة الذي قدم دور والد حسن أو أحمد حلمي في الفيلم يستحق كل تقدير واحترام على الدور المختلف الذي قدمه في هذا الفيلم، والذي أشعرنا برشاقته الشديدة في التنقل من مشاعر إلى أخرى، هذا بالطبع بالإضافة الى النجمة دلال عبد العزيز التي قامت بدور أم أحمد حلمي، أما منة شلبي فهي كالعادة قدمت أدوارا جيدة ولكنها ليست متميزة نظرا إلى مساحة الأدوار التي تقدمها.
هناك أيضا العديد من الوجوه الشابة التي تم اختيارها بذكاء في الأدوار الثانوية في الفيلم، مثل ياسر الطوبجي ووائل علاء ومحمد السعدني، والذكاء في اختيارهم لأنهم لأسباب عديدة، أولها أن هذه الأسباب الموهبة التي يتمتع بها هؤلاء الشباب، وثانيها أن هؤلاء الشباب اشتهروا من خلال الإعلانات التي قاموا بعملها من قبل وحفظ الجمهور شكلهم دون معرفة أسمائهم.
أما مفاجأة الفيلم الحقيقية فكانت الممثل القديم الذي يعود من جديد للتألق وأخذ أدوار جيدة محمد شرف، والذي قدم إحدى أفضل الشخصيات التي قدمت في الفيلم، شخصية الرجل الذي فات قطار العمر عليه وهو ينتظر الوظيفة الحكومية، ضعف نظره حتى اقترب من العمى وهو يلعب الدومينو على القهوة التي قضى عليها سنين العمر، ويتقابل مع حسن الذي لا يعرف اسمه مثلما يجلس في القهوة مع رجال لا يعرفهم على الرغم من أنه يلعب معهم الدومينو، ولا يعرفان اسمي بعضهما إلا في نهاية الفيلم.
المؤلف أيمن بهجت قمر وضح أن السيناريو قد كتب وعدل أكثر من مرة، حتى تشعر أن هناك أكثر من شخص قد كتب السيناريو، لاختلاف مشاهد الجزء الأول تماما عن مشاهد الجزء الثاني، ولم تكن الطبخة بنفس واحد فمن غير المعقول أن من كتب مشاهد علاقة الرئيس بالبطل، هو نفسه من كتب مشهد رفع صوت الأغنية في مشهد ظهور والد حلمي أيضا لرفضه ظهوره مرة أخرى، أو مشهد مصارحة والدته له بحقيقة مرضه، أو اكتشافه هو لمرضه.
المخرج خالد مرعي على الرغم من أصوله المونتاجية وعمله كمونتير من قبل أن يدخل إلى مجال الإخراج، إلا أنه في بداية الفيلم هرب منه الإيقاع، وترهلت مشاهد عدة كان يمكن الاستغناء عنها، ولكنه في الوقت نفسه قدم مع مدير التصوير أحمد يوسف مشاهد أكثر من رائعة، وبطريقة جديدة تقترب كثيرا من الأفلام الأميركية، وخاصة في مشاهد دخول حسن مرآب الطائرات، ووضح للغاية في مشهد كشف حقيقة الأب من قبل الأم أمام أحمد حلمي، فحركة الكاميرا المهزوزة القريبة من صورة الكاميرا الديجيتال، والتي تتناسب بشكل كبير مع طبيعة المشهد ومحتواه.
قصة الفيلم: حسن مهندس طيران يعاني عقدة الاضطهاد، ويتعرف إلى فتاة يحاول أن يرتبط بها، كما أن له علاقة في غاية التميز بينه وبين والده
معلومات عن الفيلم
اسم الفيلم: آسف على الإزعاجإخراج: خالد مرعيتأليف: أيمن بهجت قمرمدير التصوير: أحمد يوسفموسيقى تصويرية: عمرو إسماعيلسنة الإنتاج: 2008شركة الإنتاج: وليد صبريسبطولة: أحمد حلمي- محمود حميدة- منة شلبي- دلال عبد العزيز
محمد عبد العزيز - ايلاف
معلومات عن الفيلم
اسم الفيلم: آسف على الإزعاجإخراج: خالد مرعيتأليف: أيمن بهجت قمرمدير التصوير: أحمد يوسفموسيقى تصويرية: عمرو إسماعيلسنة الإنتاج: 2008شركة الإنتاج: وليد صبريسبطولة: أحمد حلمي- محمود حميدة- منة شلبي- دلال عبد العزيز
مع تحيات
ADMIN